بعد مرور ست سنوات متواصلة من النزاع المسلّح، يواصل جميع أطراف النزاع بعدم الأخذ بعين الاعتبار القانون الدولي أو أرواح وكرامة وحقوق الأشخاص في اليمن، بحسب ما ورد في التقرير الثالث لفريق خبراء الأمم المتحدة البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن، والذي صدر اليوم.
وقد أصدر فريق الخبراء تقريره الثالث، وعنوانه “اليمن: جائحة الإفلات من العقاب في أرضٍ معذّبة” بشأن حالة حقوق الإنسان في اليمن في الفترة ما بين تمّوز/يوليو 2019 وحتى حزيران/يونيو 2020. وستُرفع النسخة الرسمية من التقرير إلى مجلس حقوق الإنسان، خلال دورته الخامسة والأربعين، يوم 29 أيلول/سبتمبر 2020.
وبالإضافة إلى هذا التقرير، سيصدر فريق الخبراء أيضاً ورقة غرفة الاجتماعات، وهي وثيقة أطول وأكثر تفصيلاً، والتي تحوي تفاصيل التحقيقات التي أجراها الفريق والنتائج التي خلص إليها.
ويشمل التقرير تحقيقات في عدد من الحوادث التي وقعت خلال المدة التي يغطيها تقرير هذا العام، ووسّع النطاق الزمني بالعودة إلى بداية النزاع في عام 2014، حين دعت حاجة إجراء التحقيقات والتثبت من حقائق بعض فئات الانتهاكات التي نظر فيها.
وخلص فريق الخبراء في تقريره إلى أن جميع أطراف النزاع استمروا في ارتكاب مجموعة من الانتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، مشيراً إلى وجود نمط ثابت من إلحاق الضرر بالمدنيين، وهو النمط الذي لا يحدث في سياق العمليات القتالية فحسب، بل أيضاً بعيداً عن الجبهات.
وقد شدد فريق الخبراء على أنه ما من أيادي نظيفة في هذا النزاع. فتقع مسؤولية الانتهاكات على عاتق جميع أطراف النزاع. واستنتج التقرير، استناداً إلى النتائج، أن الانتهاكات ارتُكبت من قبل كل من حكومة اليمن والحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي وأيضاً أعضاء في التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وتتضمّن انتهاكات حقوق الانسان المتحقق منها الحرمان التعسّفي من الحياة، والاختفاء القسري، والاعتقال التعسّفي، والعنف القائم على النوع الاجتماعي بما في ذلك العنف الجنسي، والتعذيب وضروب أخرى من المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، وتجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال القتالية، والحرمان من الحق في المحاكمة العادلة، وانتهاكات للحريات الأساسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وخلص فريق الخبراء إلى أن بعض الغارات الجوية التي شنّها التحالف يبدو أنها نفذّت دون مراعاة مبادئ التمييز والتناسب وتوخي الحيطة والحذر لحماية المدنيين والأعيان المدنية.
واستنتج أيضاً أن كل من التحالف والحوثيين قد نفذوا هجمات عشوائية، ما ألحق الضرر بالمدنيين والأعيان المدنية. ويشير الفريق إلى أن الهجمات غير المتناسبة والعشوائية تمثل جرائم حرب بموجب القانون الدولي العرفي. وحقق فريق الخبراء في الآثار المترتبة على الألغام الأرضية التي زرعها الحوثيون بشكل غير قانوني.
وعلاوةً على ذلك، خلص فريق الخبراء إلى أن أطراف النزاع مسؤولون عن انتهاكات أخرى للقانون الدولي الإنساني، وعلى وجه الخصوص قتل المدنيين، والتعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية، والاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي، والاعتداء على الكرامة الشخصية، والحرمان من الحق في المحاكمة العادلة، وتجنيد الأطفال دون سن الخامسة عشر أو استخدامهم للمشاركة النشطة في الأعمال القتالية، وهي أفعال قد ترقى لمستوى جرائم حرب.
وصرّح كمال الجندوبي، رئيس فريق الخبراء بالتالي “مازالت اليمن أرضاً مُعذبةً، وشعبها مهشّم بطرق من شأنها أن تصدم الضمير الإنساني”.
وجدد فريق الخبراء التعبير عن ضرورة توصل الأطراف بشكل عاجل إلى وقف شامل لإطلاق النار، والعمل على تحقيق سلام مستدام وشامل. كما حث أطراف النزاع على اتخاذ خطوات فورية لوقف الانتهاكات المستمرة ومنع ارتكاب انتهاكاتٍ جديدة. وشدد فريق الخبراء على ضرورة اتخاذ كافة التدابير، من قبل الأطراف كما من قبل المجتمع الدولي، لضمان محاسبة مرتكبي تلك الانتهاكات التي وقعت خلال النزاع الدائر في اليمن، وإعمال حقوق الضحايا في الحصول على تعويضات.
وأضاف السيّد الجندوبي قائلاً ” تقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية وضع حد لجائحة الإفلات من العقاب، ويجب ألا يغض الطرف عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت في اليمن. بعد سنوات من توثيق الخسائر الفادحة لهذه الحرب، لا يمكن لأحد أن يقول “لم نكن نعلم ما كان يحدث في اليمن”. المساءلة هي المفتاح لضمان تحقيق العدالة لشعب اليمن وللإنسانية “.
وعبّر فريق الخبراء عن قلقه إزاء استمرار الدول الثالثة بنقل الأسلحة إلى أطراف النزاع. وفي هذا الصدد، صرّح السيد الجندوبي قائلاً “تزويد الأسلحة المستمر إلى أطراف النزاع من شأنه أن يساهم بإدامة النزاع وإطالة معاناة الشعب اليمني”.
وحث التقرير مجلس حقوق الإنسان على إبقاء حالة حقوق الإنسان في اليمن مدرجة على جدول أعماله، من خلال بتجديد ولاية فريق الخبراء البارزين الدوليين والاقليميين، وضمان أن تسمح الموارد المقدمة إلى الفريق باضطلاعه بولايته بفعالية، بما في ذلك جمع المعلومات المتعلقة بالانتهاكات والجرائم وحفظها وتحليلها. كما اقترح فريق الخبراء على مجلس الأمن إدراج الأبعاد المتعلّقة بحقوق الإنسان في النزاع الدائر في اليمن على نحو أكمل على جدول أعماله، وضمان عدم الإفلات من العقاب على أشد الجرائم خطورة، من خلال، من بين أمور أخرى، إحالة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية وتوسيع قائمة الأشخاص الخاضعين لعقوبات مجلس الأمن.
وختاماً صرّح السيّد الجندوبي بالتالي “بإحالة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتوسيع قائمة الأشخاص الخاضعين للعقوبات، فإن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيوجّه رسالة قوية إلى الأطراف المتنازعة بأنه لن يكون هناك إفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.”
خلفية عن فريق الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن:
طلب مجلس حقوق الانسان إلى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الانسان، في قراره رقم 36/31 (2017)، تشكيل فريق من الخبراء البارزين الدوليين والاقليميين بشأن اليمن لرصد حالة حقوق الإنسان في اليمن والإبلاغ عنها. وقد تضمّنت ولاية فريق الخبراء تكليفه باستقصاء جميع الانتهاكات والتجاوزات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان وللمجالات الأخرى المناسبة والقابلة للتطبيق من القانون الدولي التي ارتكبتها جميع الأطراف في النزاع منذ ايلول/سبتمبر 2014، بما في ذلك الأبعاد الجنسانية المحتملة لتلك الانتهاكات. وتشمل ولاية فريق الخبراء إثبات الوقائع والملابسات المحيطة بالانتهاكات والتجاوزات المزعومة وكشف المسؤولين عنها حيثما أمكن.
وقد جدد مجلس حقوق الإنسان ولاية فريق الخبراء في قراريه رقم 39/16 (2018) و42/2 (2019).
ويتألّف فريق الخبراء من الأعضاء الحاليين التاليين:
السيد كمال الجندوبي (تونس)-رئيس الفريق،
السيدة ميليسا باركي (أستراليا)،
السيد أرضي إمسيس (كندا).