بَعُدْنا ولم أنتبذْ
في نهاراتِ عينيكِ
غيرَ احتمالٍ أهشُّ به
سأماً تجتني القلبَ أسرابُه
في مساءِ الشتاتِ
ولمْ أتخذْ غيرَ عطرِكِ
بوصلةً في الطريقِ
إلى مدنٍ أنتِ سِدرَتُها وخلاصتها
في اكتمالِ الأنوثة
يا غايةً يتسلسلُ فيها بهاءُ الألوهةِ
حتى استقام الجمالُ على هيئةِ امرأةٍ
تتقطرُ في شفتيّ نبيذاً
وسلوى ولمْ يستقمْ بعدُ ضلعُ الحياةِ
ولم يَرِدِ القلبُ إلاَّ ينابيعكِ البكر
تلكَ التي ادخرتْ من صفاءِ الأساطيرِ
أخلدَها كلما شربَ الشوقُ من سحرها
تتناسلُ في ضفتيهِ الصحارى
ويزهرُ فيهِ العطش.
*
بعدتُ ولم أبتعدْ عنكِ
إلاَّ لكي أتخفف من كبرياءٍ
تحدُّ التحامي بأنهاركِ المشتهاةِ
فقدْ تستعيدُ الحرائقُ فيَّ انثيالاتها
ويطلُّ غدٌ يانعٌ فوقَ أطلاليَ الباليات
وتطفو الرتابةُ في ساحلِ الوقتِ
هذا الذي لستُ أُحصي انكساراتهِ في غيابكِ
أو أشتهي منهُ إلاَّ الذي تتكحلُ ساعاتهُ بالحنين.
**
خذيني فقد طوّحتْ بي الرياحُ
وشدّي معي السنوات الكبيسة من شعرها
ثم قُدِّي قميصكِ تُلقِ الفراديسُ أسرارها
تستعيد عيوني بكارتها
حيث لا وطنٌ غيرَ صدركِ لا جنةٌ غيرَ تلك
التي أترع الله دهشتها
في سهولكِ دانيةً بالجنونِ
ووارفةً بالعناق.
*
خذيني لكي ينشر الآس
أشهى مواسمهِ
وتعودُ الطيورُ لسيرتها في الغناءِ
ويرجع للعيشِ كلُّ الذينَ
طوى البعدُ أعمارهم في كتابِ النوى..
فنحنُ الذينَ على يدنا يُبعثُ الحب ثانيةً
مَنْ سنكسرُ كلَّ سهامِ اليبابِ
ونشعلُ في شفةِ الكائناتِ
فتيلاً من القُبلِ المطفآتِ
هوانا شرارتُها وقيامتها العاثرةْ.
*
تعالي أنا الآن بين احتمالينِ
أنتِ وهذا الهجيرِ العدائيّ حولي
فمُدِّي ربيعكِ
كي أستدلَّ على جنتي أنتِ،
يا من أعوذُ بخضرتها من هشيمِ الخُطى
وارتعاشاتها وبفتنتها من توحشِ
ظلي بأحضانها من ضياعي الطويل وآهاتيَ المزمنةْ.
***
تعالي لنرسم خارطةَ الضوءِ
بينَ جوانحنا ونلوّنَ بالحلمِ جدرانها
ونخففَ من وطأةِ الليلِ إذ تتمددُ وحشتهُ
يا اكتمال البعيد ونقصي الذي لا اكتمال له ويقيني الأكيد.
***
تعالي إلى بلدةٍ عرضها الحب
كي نمنعَ الحربَ من أكلِ آخر صبيتنا الطيبينَ
فكمْ صَلَبَتْ من مسيحٍ وما اكتحلتْ بالخلاصِ مآذنها النائحاتُ
ولا نفخَ اللهُ في عقمِ تربتها من نبيٍّ
تعالي نرممْ بالحبِ
ما اجترحتهُ الحروبُ على وجهها من ندوبٍ
وفي صدرها من جراحٍ
ويُتمٍ ونغسلُ أرجاءها ببياضِ المودةِ
نأخذها من يديها إلى غدها المشتهى
ونخبئها في قلوبِ الصغار.