عبدالحميد الكمالي
للوهلة الأولى يتبادر للأذهان لساكني الكرة الأرضية أن بندنج فيكتوري هو اسم لرواية لكاتب حائز على جائزة نوبل ترجمت مؤخراً للعربية والبعض سيظن أنه فلم صدر مؤخراً ومرشحاً للأوسكار ولعلى صديقي الهوليودي مهند عبدالقوي يستعد لكتابة قراءة عن مشاهد الفلم ، ولو تتبعنا الأسم سيرشحه أحد المنتمين للسلك الطبي أنه عقار لوباء كوفيد19 بنسخته المطورة وأخر سيتوقع أنها منطقة كانت مرشحة ليلقى عليها قنبلة نووية في الحرب العالمية الثانية .
ولعلى من سيصل لمعرفة ماهية بندنج فيكتوري هو مواطن يمني يتعرض للحرب منذ ست سنوات جعل من كل زوايا الأماكن المهجورة التي تعرضت للقصف محرابه ليدعوا الله مع أمنيات المواطنين الآخرين و المرضى في المستشفيات والمزارعين وسائقي المركبات والصيادين ورجل لم يستطع توفير قيمة بنزين المركبة التي ستنقله من القرية إلى مشفى المدينة ومن يقفون طوابير في محطات الوقود وطوابير بجوار كراسي الغسيل الكلوي ومن يعتمدون على الوقود في طلب الرزق ،
يعرفون حقاً أن بندنج فيكتوري ليست سوى عمدة البواخر المحتجزة منذ أكثر من 9 أشهر قرابة سواحل مدينة الحديدة والتي تحمل على جسدها اطنان من الوقود وأنها ليست سوى أمنية واحدة وباخرة واحدة من عشرات البواخر التي احتجزت منذ بداية الحرب ، وتسبب أزمة في الوقود يومياً .
فاحتجاز النفط والوقود يعاقب عليه كل الشعب اليمني لا فرق بين انتمائهم أو مكانتهم أو اتجاهاتهم السياسية ، فثمة زورق صيد صغير ينتظر بفارغ الصبر حصته من الديزل وامرأة مسنة تتمنى أن يكون البترول موجوداً حتى إذا حانت ولادة ابنتها يستطيعون الدخول للمدينة ،
وسائق مركبة ينتظر منذ أيام أن يأتي دورة في البترول لكي يستطيع شراء الدقيق لأسرته ، ومزارع خسر محصولة هذا العام لعدم مقدرته بتوفير الديزل لضخ المياه ،
هناك أماكن ومواقف عديدة والحياة تعاني كل ليلة جراء حجز باخرة واحدة ليعاني منها ملايين اليمنيين ، فيما تقبع في غالب الأحيان أكثر من عشر بواخر ممنوعة أن ترسوا على ميناء الحديدة لجعل كل تلك الأمنيات البسيطة تتحقق .
فالضحية هو المواطن اليمني التي لا ناقة له بالحرب ولا جمل لكن كل سوء الحرب تعبر من جسده والمعاناة وصرنا نتجرعها مراراً دون أدنى مسؤلية إنسانية ويفاقم الوضع الإنساني والمعيشي للشعب باليمن.