مانشيت-متابعات
عقب القصف الصاروخي الذي استهدف حكومة معيـن عبدالملك بمجرد وصولها إلى مطار عدن ، سارع الرئيس هادي لتشكيل لجنة تقصي الحقائق للبحث في تداعيات الاستهداف الذي كاد أن يجعلَ من حكومة معين أقصر الحكومات عمرًا في التأريخ اليمني المعاصر ، وربما في تأريخ حكومات العالم.
خلال عقود، شكلت لجان تحقيق كثيرة عرفها اليمنيون ولا زالت ذاكرتهم الوطنية تنوء بمعظمها، ابتداءً بأشهر لجنة تحقيق شُكلت بعد جريمة تصفية الرئيس ابراهيم الحمدي في العام 1977مرورًا بلجان تحقيق أخرى جاء تشكيلها بعد جرائم الاغتيال التي تعرض لها عدد من الشخصيات السياسية أو بعد وقائع قتل مروعة نفذها إرهابيون ينتمون لبعض الجماعات الدينية المتشددة.
هذا التقرير يحاول تسليط الضوء على أبرز لجان التحقيق التي دأب الرئيس هادي على تشكيلها منذ توليه الحكم في فبراير 2012م وحتى ديسمبر 2020م ، وكيف انتهى مصير تلك اللجان!
لجان برائحة الدم
بدأت علاقة الرئيس هادي بلجان التحقيق التي حرص على تشكيلها , بعد شهر فقط من توليه حكم البلاد في فبراير 2012م . أكثر من 15 لجنة تحقيق وجه الرئيس هادي بتشكيلها خلال سنوات حكمه الماضية، أولى تلك اللجان كانت في مارس 2012 و جاءت بعد الهجوم الإرهابي الذي طال معسكرًا للجيش في (دوفس) بمحافظة أبين, و راح ضحيته العشرات من الجنود ، و بالرغم من النتائج الهامة التي توصلت إليها لجنة التحقيق بتأكيدها تورط قيادات عسكرية بارزة في الجيش تواطأت مع تنظيم القاعدة والتوصية بإيقاف تلك القيادات، إلا أن توصيات اللجنة تلك لم تر النور بحجة تأجيلها إلى ما بعد حسم الموقف العسكري في زنجبار ، حيث كانت قوات الجيش حينها تخوض حرباً ضد القاعدة في أبين.
وعلى شاكلة القتل الجماعي الذي حدث للجنود في دوفس ، وكان سبباً في مسارعة الرئيس هادي إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق حول الحادثة، شهد العام 2012 تفجيراُ انتحارياً شنه تنظيم القاعدة ضد سرية من الأمن المركزي في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء ، اسفر عن مقتل 63 جندياُ وسقوط العشرات من الجرحى.
وفي شهر ديسمبر عام 2013 دفع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الرئيس هادي لتشكيل لجنة تحقيق جديدة إثر الهجوم الإرهابي الذي شنه التنظيم على وزارة الدفاع في العاصمة صنعاء, وراح ضحيته 29 قتيلاٌ و72 جريحاٌ .
أكاديمية الشرطة في العاصمة صنعاء نالت حظها من الاستهداف من خلال الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له في يوليو 2012 ,مما أسفر عن قتل وجرح العشرات من منتسبيها , الأمر الذي دفع الرئيس هادي لتشكيل لجنة تحقيق أخذت مكانها في خانة التجاهل والنسيان.
جريمة الاغتيال السياسي
إن مهمة اللجان الرئاسية اقتفاء أثر الجريمة، والجريمة السياسية بالذات بحثا عن مرتكبيها ودوافعهم وكشفهم للعدالة وللرأي العام.
لكن الدكتور أمين الحاشدي – عضو هيئة التدريس – في قسم الإعلام بجامعة تعز يرى غير ذلك.
فالحاشدي يعتبر أن هذه اللجان هي بمثابة “لجان تموت الحقيقة بين أوراقها وليست سوى حُقَن مُهدئة، لا تمنح حقًا ولا إرادة لديها ، وإن أرادت أن تظهر الحقيقة انحرفت بوصلتها بعيدًا عنها”. واذا فإن البروفيسور الحاشدي لا يعلِق أي آمال على لجنة التحقيق التي شكلها هادي قبل أيام إثر الاستهداف الصاروخي لمطار عدن.
منذ العام 2012 عاد مسلسل الاغتيالات السياسية للظهور من جديد, هذا المسلسل الذي عادةٌ ما يكون مفتتحًا أو تمهيدًا لاقتتال بيني يتأهب اليمنيون لخوضه في استنساخ مألوف لتراجيديا سياسية تاريخية متوشحة بالدين والوطن والكرامة.
وفي شهر نوفمبر 2013 شهدت العاصمة صنعاء حادثة اغتيال النائب عبدالكريم جدبان, فتحت تلك الحادثة الباب لاغتيال مجموعة من السياسيين اليمنيين الذين نالوا نصيبهم من دورة العنف التي تتجدد باستمرار في الساحة السياسية اليمنية.
وكعرف سياسي رئاسي راسخ ومتجذر, لم يتأخر الرئيس هادي في تشكيل لجنة تحقيق حول الحادثة. في العام 2014شكل الرئيس هادي لجنتان رئاسيتان جاءتا إثر اغتيال الدكتور أحمد شرف الدين والدكتور عبدالملك المتوكل في يناير ونوفمبر من العام نفسه في العاصمة صنعاء.
كذلك شكل الرئيس هادي لجنة تحقيق بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها وزير الدفاع محمد ناصر أحمد في العام 2014م .
وفي شهر ديسمبر 2015م تم اغتيال جعفر محمد سعد محافظ محافظة عدن, كعادته لم يتأخر الرئيس هادي في تشكيل لجنة تحقيق تبحث في ملابسات حادثة اغتيال المحافظ.
اما آخر لجان التحقيق التي شكلها الرئيس هادي والمتعلقة بملف الاغتيالات السياسية فقد جاءت عقب مقتل العميد الركن عدنان الحمادي قائد اللواء 35 مدرع في مدينة تعز.
يصف المواطن فؤاد عبدالكريم القدسي لجان التحقيق بقوله : بأنها لجان غير فاعلة ولا جدوى منها بدليل عدم إعلان تلك اللجان لأي نتائج لعملها.
وفي تعليقه على اللجنة المُشكَلة الأسبوع الماضي من قِبَل الرئيس هادي بشأن حادثة استهداف مطار عدن يقول القدسي:
من الضروري تعليق الآمال على هذه اللجنة بل يفترض أن يتم ذلك ، لأن ما حدث يمكن توظيفه سياسيًا وعسكريًا ضد جماعة الحوثي .
مسار واحد ونهاية واحدة
دون استثناء ، سلكت كل لجان التحقيق التي شكلها الرئيس هادي طوال سنوات حكمه المنصرمة مسارًا واحدًا وانتهت نهايةً واحدةً ، حتى المرة الوحيدة التي كادت أن تكون استثناءً – لجنة التحقيق الخاصة بمذبحة دوفس أبين – طالتها يد القرار الفوقي ، فتجمد قرارها القاضي بإيقاف القيادات العسكرية المتورطة في تلك المذبحة.
*المصدر:الرصيف برس