تزداد الحاجة بشكل كبير في أوقات الحروب، وحتى السلم، إلى الإعلام الإنمائي، الذي يساعد على تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات، بخاصة في دول العالم الثالث التي تتركز معاناتها وبشدة في تلك الجوانب.
وتحتفل الدول المختلفة باليوم العالمي للإعلام الإنمائي، في مثل هذا اليوم من كل عام، وسبق أن حددت أهدافها المتمثلة بمكافحة الفقر والجوع والأمراض والأمية والتمييز ضد المرأة، تعمل عليها للألفية التي تم الإعلان عنها عام 2000.
وبرغم ما يمكن أن يلعبه الإعلام الإنمائي، إلا أن دوره يكاد يغيب في كثير من الدول، بالذات التي تشهد صراعات وحروباً، كاليمن. يضاف إلى ذلك أن الفجوة الرقيمة تمثل مشكلة تثير قلق الأمم المتحدة، كونها تعوق تحقيق الأهداف التي تم الاتفاق عليها.
وبسبب الوضع المأساوي الذي تعيشه اليمن نتيجة الحرب، لا تتركز جهود الإعلام على جانب التنمية المستدامة، ولا يقوم بدوره في تثقيف الناس بالقضايا التنموية، ولا متابعة تنفيذها.
ويقول رئيس تحرير مجلة “الأسرة والتنمية”، عماد السقاف، إن الإعلام التنموي هو الوسيلة الاتصالية الفاعلة التي تلعب دوراً محورياً في حياة الأسرة، والفرد، والمجتمع، والدولة، وهو القوة المؤثرة في تحديد مسار الأفكار والسلوكيات والممارسات التي تنسجم مع خطط التنمية المستدامة.
والبلدان التي اهتمت بالإعلام التنموي، أوجدت تطوراً في وعي المجتمعات، وعززت لديهم قيم المواطنة الصالحة وسيادة القانون واحترام الحقوق والواجبات والشفافية والمساءلة والحكم الرشيد، وتمكنت من تحقيق استقرار وتعايش مجتمعي وتنمية مستدامة، حسب السقاف.
ويرى أن أحد أسباب استمرار الأوضاع المأساوية التي نعيشها في اليمن، هو غياب دور الإعلام التنموي؛ حيث أفسح المجال أمام إعلام الحكومات والجماعات المسلحة والأحزاب، الذي عمل على تغييب وعي الناس عن حقوقهم، وتحويلهم إلى قطعان تتقاتل من أجل مصالحها الأنانية، ولم يجد المواطن أية وسيلة للتعبير عن رأيه ومعاناته، على حد تعبيره.
حاجة دائمة
ومن خلال تجربة الصحفي نبيل علي الشرعبي، الذي كان يشغل منصب رئيس تحرير مطبوعة “أساس.. تنمية”، وهي تخصصية صدرت لفترة وجيزة عام 2015، إضافة إلى عمله في منظمة أساس للتنمية والتوعية الإنسانية كمسؤول إعلامي، يعتقد أن الإعلام التنموي ركز على الشق الاقتصادي قبل الحرب، كاحتياجات التنمية الدائمة والطارئة والأمن الغذائي والمائي ومصادر الدخل واحتياجات التركيبة السكانية المختلفة، ونصيب الفرد من الدخل الناتج الإجمالي، وما إلى ذلك.
ويجدد الشرعبي تأكيده على أن العمل التخصصي الصحفي والإعلامي الإنمائي، ليست مرتبطاً بظرف السلم أو الحرب، بل بمفهوم التنمية بجوهر مدلولها، ولذلك فالقول بأن الأهمية في زمن الحرب تزداد، في الأساس مفهوم مغلوط، وعليه وكما نلمس في واقعنا، نتائجه عقيمة، إذ إن التوجه لمعالجة مشكلة ليس كالعمل على هدف مدروس. ولذلك الحاجة ضرورية للغاية لإعادة الفهم والفصل بين العمل وفق أهداف وخطط، والعمل لمواجهة مشكلة طارئة حتى وإن طال زمن بقائها.
ويفسر رئيس تحرير موقع “اليمن الجمهوري”، كمال السلامي، غياب الإعلام التنموي عن الصحافة اليمنية، قائلا إنه أصابها ما أصاب كل المجالات بسبب الحرب الدائرة، حتى أصبحت لا تعدو كونها لسان هذا الطرف أو ذاك، وانخرطت المؤسسات الصحفية لتصبح أدوات فعالة في الصراع ضمن ما يسمى الإعلام الحربي.
ويعود ذلك، كما يوضح إلى عدم وجود صحافة مستقلة بمعنى الكلمة، لذلك تتبع المؤسسات الصحفية (مواقع وصحف وقنوات وإذاعات)، سياسة إعلامية يضعها الممولون.
إضافة إلى طغيان الجانب الإنساني والعسكري والسياسي على بقية المجالات، ففي الحرب لا أحد يتحدث عن البناء، فضلاً عن كون التنمية متوقفة فعلاً خلال الوضع الحالي، وبالتالي فمن الطبيعي ألا يكون هناك حضور للجانب الإنمائي، إلا في الهامش، وفق السلامي.
فرصة للأمل
وتقول أحلام محمد منصور، وهي ناشطة مجتمعية، إن اهتمام وسائل الإعلام بالجانب الإنمائي وتشجيعه، يعطيهم الحماس للعمل وخدمة المجتمع، وهو الأمر ذاته الذي يحدث للمبدعين الذين لا يجدون أنفسهم مغيبين، وتنفيذ مزيد من المبادرات التي تخفف من معاناة كثير من الفئات المهمشة في الحرب.
وتبين منصورن متابعة الصحافة لأنشطة الجهات الحكومية أو المنظمات، تساعد كثيراً على إنجاز المشاريع، وعدم السماح بحدوث كثير من الفساد، كون تلك الجهات تكون تحت أنظار الصحافة، وتأمل أن يتعزز دور الإعلام الإنمائي أكثر؛ ليساعد على الاستفادة من الجهات غير الحكومية التي تقدم الدعم لليمن.
وحددت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 1972، يوماً عالمياً للإعلام الإنمائي، بهدف لفت انتباه الرأي العام للمشكلات التنموية وتعزيز التعاون الدولي من أجل حلها. ومن أبرز التحديات التي تواجهها هي المتعلقة بقضية عدم المساواة والسلام والفقر.
وتركز الدول التي وقعت على الأهداف الإنمائية للألفية، على كثير من القضايا ذات الاهتمام المشترك، كالمرتبطة بالبيئة، فضلاً عن التعاون بين الدول المختلفة، وأدت الفجوة الاقتصادية بينها إلى عدم القدرة على تخفيف عبء الديون الذي تعاني منه البلدان الفقيرة.