لم تكتفِ مليشيا الحوثي الانقلابية بسرقة مرتبات اليمنيين وحرمانهم من مصادر الدخل اليومي منذ انقلابها على السلطة قبل 5 سنوات، بل تنهب ما تقدّمه المنظمات الأممية من مساعدات غذائية شهرية للمحتاجين وترسلها لعناصرها في جبهات القتال.
وبعد أشهر من إفصاح برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة عن سرقة نحو 60% من المساعدات في المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين وبيعها في السوق السوداء بصنعاء، سقطت المليشيا الموالية لإيران في فضيحة أخلاقية جديدة، تتمثل بحرف مسار الإغاثات عن مستحقيها الحقيقيين.
هذا ما كشفته لقطات مصورة في جبهة “أم رقاع” غرب مأرب، عقب دحر المليشيا الانقلابية من قبل الجيش الوطني والمقاومة.
ففي الفيديو، ظهرت صناديق يقدمها البرنامج الأممي للأسر المتضررة بشكل كبير من النزاع وتضم كميات من “المكملات الغذائية”، تخص الحالات التي تعاني من سوء التغذية الحاد، الذي تقول الأمم المتحدة إنه يهدد 7 ملايين يمني جراء الانقلاب الحوثي.
وبدلا من ذهاب تلك المكملات الغذائية لآلاف الأطفال الذين فروا من بطش المليشيا إلى مخيمات النزوح بمأرب، تذهب أقواتهم التي أرسلها العالم لإنقاذهم من شفير مجاعة، بشكل إجباري، إلى بطون قاتليهم، الذين يرسلون حمم قذائف المدفعية وصواريخ الكاتيوشا على رؤوس الأبرياء فتحولهم إلى أشلاء كما حدث في مرات عديدة داخل مأرب.
وتجاوب برنامج الأغذية مع المقطع الفاضح للحوثيين، وقال، في بيان على حسابه الرسمي، إنه “على عِلم بالفيديو الذي تم تداوله مؤخراً، والذي يُظهر فيه صندوق يحمل شعار برنامج الأغذية العالمي في المنطقة الموجودة على خط المواجهة في مأرب”.
وعلى الرغم من إعلان أنه “لا يمكن تأكيد مصدر الفيديو أو صحته”، فإن البرنامج شدد على أن المساعدات التي يقدمها هي موجهة للمدنيين اليمنيين الأشد احتياجاً، في إشارة لرفضه وجودها مع المقاتلين الحوثيين.
وأكد البيان أنه “لا يمكن لبرنامج الأغذية العالمي قبول أي تحويل لمسار المساعدات الغذائية الذي لا يتماشى مع مهمته الرئيسية المتمثلة في الاستجابة للأزمة الإنسانية الطارئة في اليمن”.
وكشف مصدر أممي بصنعاء، ، أن المليشيا الحوثي سارعت لاستدعاء منسقة الشؤون الإنسانية باليمن ليز غراندي وممثل برنامج الأغذية، من أجل التنازل عن بعض التشديدات المفروضة على العمل الإنساني، في مسعى منها للتغطية على فضيحة حرف مسار المساعدات من المدنيين للمقاتلين.
وقال المصدر إن المليشيا أفرجت عن أكثر من 100 طن مواد إغاثية قامت بنهبها من مخازن برنامج الأغذية العالمي، كما وعدت بالتخلي عن ضريبة الـ2% من إجمالي حجم التمويلات الأممية التي أجبرت المنظمات على دفعها لحكومتهم غير المعترف بها.
وقوبلت السرقة الحوثية لأقوات الجوعى بتنديد حكومي واسع، حيث طالب وزيرا الإدارة المحلية عبدالرقيب فتح، والإعلام معمر الإرياني، الأمم المتحدة بالتحقيق في طريقة وصول تلك المساعدات إلى مقاتلي المليشيات وإبلاغها بذلك.
وأكدت الحكومة أن فساد وابتزاز المليشيا الحوثية ونهبها المساعدات الغذائية فيما ملايين المواطنين في مناطق سيطرتها يتضورون جوعا، لا يعفي المجتمع الدولي والمنظمات الدولية من أداء مسؤوليتها الإنسانية والأخلاقية تجاه أكبر مأساة إنسانية في العالم.
ودعت إلى استمرار التنسيق مع الحكومة الشرعية لدراسة آليات توجيه الدعم للمواطنين في مناطق سيطرة المليشيات وعدم البقاء رهينة ابتزازها وضغوطها وعدم ترك ملايين المحتاجين فريسة الجوع والقهر والمرض.
انتهاكات ممنهجة
وتمتلك المليشيا الحوثية سجلا أسود في الانتهاكات ضد العمل الإنساني والإغاثي، ونظرا لأن المكاتب الرئيسية للمنظمات الدولية والأممية تقع في صنعاء، الخاضعة للانقلابيين، رضخت الغالبية منها للبطش بهدف المحافظة على استمرارية أعمالها وخدمة المتضررين.
وخلال الفترة الماضية، كان المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيزلي، الأكثر فضحا للصوصية الحوثيين، وكشف أن هناك من وصفهم بـ”المتشددين” لا يعبأون إلا بتحقيق المكاسب وزعزعة الاستقرار.
ولفت إلى أن مساعدات غذائية شهرية تبلغ قيمتها 175 مليون دولار، جرى توجيهها خلال الشهرين الماضيين، في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين، للمساعدة في تمويل الصراع.
ويقول البرنامج الأممي إنه يواجه تحديات يومية بسبب القتال المستمر وانعدام الأمن في اليمن، ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر لا يأتي من الأسلحة “بل من الدور المعيق وغير المتعاون لبعض قادة الحوثيين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم”.
واتهم البرنامج الأممي، مليشيا الحوثي بمنع العاملين في المجال الإنساني في اليمن من حق الوصول إلى الجياع، وحظر قوافل المساعدات، وتدخل السلطات المحلية في مناطق الانقلابيين بعملية توزيع الأغذية.
وأكدت مصادر أن التدخلات الحوثية دفعت الولايات المتحدة لتقليص مساعداتها الإنسانية باليمن، خصوصا في المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين.
وقالت المصادر إن العديد من الدول المانحة تتجه لتطبيق ذات السيناريو، وهو ما يهدد بإغلاق 31 برنامجا إنسانيا تابعا للأمم المتحدة من أصل 41 في غضون نهاية أبريل/نيسان الجاري، نظرا لعدم حصولها على التمويلات الكافية.