يتسائل العديدون عن السر وراء استمرار الحوثيين في السيطرة على المناطق الشمالية من اليمن وفرض نفوذهم بالقوة على تلك المناطق،ويكمن السر في استمرارية حصول الحوثيين على مصادر تمويل غير مشروعة ومن أطراف خارجية إضافة لنهبهم موارد الدولة الداخلية وقوت المواطنين ورفد جبهاتهم بها، وهنا نسلط الضوء على أبرز مصادر تمويل المليشيا الحوثية والتي تعد السبب الرئيسي لإطالة أمد استحواذهم على مفاصل الدولة وإطالة معاناة الشعب واستمرارية الحرب في اليمن:
شبكات تهريب تمول الحوثيين في حربهم
فرضت وزارة الخزانة الأميركية،في العاشر من يونيو الحالي، عقوبات على من وصفتهم بأعضاء في شبكة تهريب تجمع ملايين الدولارات لصالح جماعة الحوثي اليمنية الموالية لإيران.
وجاء في بيان الوزارة أن “هذه الشبكة تجمع عشرات الملايين من الدولارات من عائدات بيع سلع مثل النفط الإيراني، يتم بعد ذلك توجيه كمية كبيرة منها عبر شبكات معقدة من الوسطاء ومراكز الصرافة في بلدان متعددة لصالح الحوثيين”.
وشملت العقوبات اثنين من اليمن وواحدا من الإمارات وواحدا من الصومال وآخر يحمل الجنسية الهندية وكذلك كيانات مقرها في دبي وإسطنبول وصنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي الموالية لإيران.
تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة
أظهر تقرير حديث للجنة خبراء الأمم المتحدة بشأن اليمن، أن جماعة الحوثيين (أنصار الله) في اليمن تحصل على ما لا يقل عن 300 مليون دولار سنوياً من عائدات وقود مشحون من موانئ في إيران، تساهم في تمويل حربها مع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً المدعومة من تحالف عربي تقوده السعودية.
وقالت اللجنة التي تراقب العقوبات ضد اليمن في تقريرها النهائي للعام 2018، والذي صدر نهاية يناير الماضي وتم رفعه لمجلس الأمن الدولي نهاية الأسبوع المنصرم، إن جماعة الحوثيين يتحصلون سنوياً على 407 مليارات ريال يمني ما يعادل نحو “740 مليون دولار”، كإيرادات تأتي من الشركات ورسوم تراخيص شركات الاتصالات السلكية واللاسلكية والتبغ وغيرها.
وذكر التقرير أن الحوثيين يحصلون أيضاً على ما لا يقل عن 300 مليون دولار سنوياً من خلال الرسوم المفروضة على واردات الوقود عبر ميناء الحديدة وبمتوسط شهري يبلغ 25 مليون دولار، بجانب عائدات الوقود المباع في السوق السوداء والذي ارتفعت أسعاره عدة مرات خلال العامين الماضيين.
وأكد تقرير لجنة الخبراء الأمميين أن الحوثيين يمولون حربهم ضد الحكومة “الشرعية”، من عائدات وقود قادم من إيران، مشيراً إلى أن وقوداً تم تحميله في مرافئ إيران در عائدات سمحت للحوثيين بتمويل حربهم ضد الحكومة المعترف بها دولياً.
ويدور في اليمن منذ قرابة أربع سنوات، صراع دموي على السلطة بين الحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي تقوده السعودية، وقوات جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران.
وأوضح التقرير الأممي، أن موارد الحوثيين عديدة وأن الجماعة مستمرة في تحصيل الإتاوات الجمركية في الموانئ الخاضعة لسيطرتها في الحديدة والصليف على البحر الأحمر، كما أنها مستمرة أيضاً في تحصيل إيرادات جمركية إضافية في مدينة ذمار (100 كيلو متر جنوب العاصمة صنعاء)، التي تمر عبرها جميع الواردات تقريباً بعد وصولها إلى اليمن من المعابر والموانئ الخاضعة لسلطة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً في جنوب البلاد.
شركات بوثائق مزورة
كما أكدت لجنة الخبراء في تقريرها، أنها كشفت عدداً من الشركات داخل اليمن وخارجه تعمل كواجهة لعمليات استيراد الوقود الإيراني، مستخدمةً وثائق مزورة تقول إن كميات الوقود هي تبرعات، مشيرةً إلى أن “عائدات بيع هذا الوقود استخدمت لتمويل جهد الحرب للحوثيين”.
وأفاد التقرير بأن “الوقود يتم تحميله في مرافئ إيران بموجب وثائق مزورة لتجنب عمليات تفتيش الحمولة التي تقوم بها الأمم المتحدة”.
وكان الخبراء ذكروا في تقرير سابق أنهم يحققون في هبات من الوقود بقيمة 30 مليون دولار، تقدمها إيران شهرياً إلى الحوثيين.
24 مليون دولار شهرياً
في ذات السياق نشر التقرير وثيقة عقد موقّعة بين “شركة كمران للصناعة والاستثمار” وهي شركة حكومية مملوكة للدولة لإنتاج التبغ والكبريت، و”شركة إكسترا بتروليم”، توضح أن الحوثيين يجبون مبلغ 48.9 ريالاً يمنياً عن كل لتر من الوقود المستورد.
وأشار التقرير إلى أنه استناداً إلى المتوسط الشهري لواردات الوقود، حصل الحوثيون على 10 مليارات ريال يمني (وهو ما يعادل 24 مليون دولار)، بما في ذلك مليار ريال يمني (حوالي 2 مليون دولار) كـ”دعم للمجهود الحربي”.
وكشف الفريق الأممي، عن أن عدداً من الشركات التي توجد داخل اليمن وخارجه، تعمل كشركات صورية باستخدام وثائق مزورة لإخفاء التبرع بالوقود لصالح فرد مدرج في قائمة العقوبات المفروضة من مجلس الأمن الدولي على قيادات حوثية.
وذكر التقرير الأممي، أن جماعة الحوثيين قامت بعد سيطرتها على السلطة مطلع 2015، بإصدار تراخيص استيراد لشركات شتى. ووفقا للتجار فإن كل ترخيص يكلف ما يقارب 800 دولار، وفي الفترة من سبتمبر 2016 وحتى أكتوبر 2018، قامت 52 شركة بدور وكلاء بيع في معاملات استيراد الوقود.
إيران تمول الحوثيين من عائدات الوقود
كشفت الأمم المتحدة في تقرير لجنة الخبراء للعام 2018 أن الحوثيين في اليمن يمولون حربهم ضد الحكومة المدعومة من السعودية من عائدات وقود قادم من إيران.
أفاد تقرير للجنة خبراء في الأمم المتحدة أن وقودا تم تحميله في مرافئ إيران در عائدات سمحت للحوثيين بتمويل جهود الحرب ضد الحكومة المدعومة من السعودية في اليمن.
وتضمن تقرير لجنة الخبراء الأخير للعام 2018 أنها “كشفت عددا قليلا من الشركات داخل اليمن وخارجه تعمل كواجهة” لهذه العمليات مستخدمة وثائق مزورة تؤكد أن كميات الوقود هي تبرعات.
وتابعت اللجنة في تقريرها الذي يقع في 85 صفحة وأرسل إلى مجلس الأمن الدولي، أن الوقود كان “لحساب شخص مدرج على اللائحة”، في إشارة إلى قائمة الأمم المتحدة للعقوبات، مشيرة إلى أن “عائدات بيع هذا الوقود استخدمت لتمويل جهد الحرب للحوثيين”.
وستثير نتائج التقرير على الأرجح تساؤلات جديدة عن دعم إيران للحوثيين في الحرب التي دفعت اليمن إلى حافة كارثة إنسانية.
وأفاد التقرير أن “الوقود يتم تحميله في مرافئ جمهورية إيران الإسلامية بموجب وثائق مزورة” لتجنب عمليات تفتيش الحمولة التي تقوم بها الأمم المتحدة. وأشار الخبراء في تقريرهم بعد زيارتهم إلى السعودية لفحص بقايا أسلحة، إلى احتمال وجود علاقة لإيران بالصواريخ التي أطلقها الحوثيون على السعودية.
وكان الخبراء ذكروا في تقرير سابق أنهم يحققون في هبات من الوقود بقيمة ثلاثين مليون دولار، تقدمها إيران شهريا إلى الحوثيين.
معلومات إضافية حول مصادر التمويل لجماعة الحوثيين
لم تترك الميليشيات الحوثية مجالاً تجارياً إلا واستخدمته في تمويل حربها على الحكومة اليمنية، وخلق طبقة تجارية من الموالين لها، وخصوصاً المنحدرين من محافظة صعدة، وشراء مساحات كبيرة من الأراضي والعقارات في صنعاء، بهدف تغيير التركيبة الديمغرافية المذهبية للعاصمة اليمنية، فضلاً عن غسل الأموال التي نهبها قادتها، ودخلت تجارة المبيدات الزراعية والأسمدة والتبغ إلى جانب تجارة المشتقات النفطية والمقاولات ضمن مصادر تمويل هذه الحرب واستمرارها وفق ما أكدته لجنة اقتصادية يمنية معنية بمتابعة الإمبراطورية التجارية لميليشيات الحوثي واستعادة الأموال التي نهبتها من معارضيها أو من الممتلكات العامة
المجموعة الاقتصادية المعروفة باسم «مبادرة استعادة» كشفت في تقرير جديد لها، عن معلومات إضافية حول مصادر التمويل والشركات الخاصة التابعة لجماعة الحوثيين، واستغلالها لاستيراد مواد خاصة بصناعة المتفجرات، إضافة إلى سيطرتها على أسواق مختلفة وتحويل الأموال والنفط، وشركات الاستيراد والتصدير كافة. ذلك أن السيطرة الحوثية على السوق اليمنية، ومختلف القطاعات الاقتصادية، نهج وسياسة تعمل به الميليشيات بهدف «إفقار اليمنيين من خلال نهب ممتلكاتهم وشركاتهم، وفقاً للاستراتيجية الحوثية، المستنسخة من إيران».
وحسب التقرير، فإن مجموعات «دغسان محمد دغسان»، التي تتضمن 11 شركة متعددة المهام، (نفطية، وتجارة الأدوية ومستلزمات طبية، وإنتاج التبغ وتحويلات أموال، وتجارية واستيرادية)، تأتي ضمن مجموعة الشركات «التي تستخدمها الميليشيا الحوثية، في بنيتها الاقتصادية. فهي مجموعة تجارية يقودها القيادي الحوثي دغسان أحمد دغسان، وتدر عليها أموالاً طائلة نظراً لسيطرتها على سوق المبيدات والأسمدة الزراعية والمستلزمات الزراعية، وخاصة تلك التي تحتوي على «مادة اليوريا» التي يعاد استخدامها في صناعة المتفجرات.
ووفقاً للتقرير، فإن دغسان يدير المجموعة تحت أسماء عدد من أفراد أسرته، وهي شركات تعمل في مجالات النفط والغاز والاستيراد والتصدير والمبيدات الزراعية والتهريب بمختلف أنواعه، وشركات التبغ والصرافة والأدوية.
وإضافة إلى ذلك، تضم المجموعة شركة عقارية جديدة للمقاولات العامة، تحمل نفس الاسم، ويديرها أحمد دغسان، وامتلكت مساحات كبيرة جداً في العاصمة صنعاء، خاصة منطقة جدر. مع أن نشاطها السابق طوال 3 عقود اقتصر على احتكار تجارة المبيدات الزراعية، وتهريب أنواع منها لا يسمح باستخدامها، وأخرى من النوع الذي يحرم استخدامه في بعض المزروعات.
ومنذ سيطرة الميليشيات على العاصمة اليمنية عمدت إلى مصادرة أموال وعقارات كل المعارضين لها، كما قام قادتها بتقاسم الاستيلاء على ممتلكات الدولة، والأوقاف واحتكار تجارة المشتقات النفطية، قبل أن يتوسع هذا النشاط ليشمل مختلف الأنشطة التجارية المدرة للربح السريع، وقامت بتبييض تلك الأموال عن طريق شراء مساحات كبيرة من الأراضي والعقارات وإنشاء المجمعات التجارية الضخمة ؛ حيث تظهر مؤشرات حركة الاستيراد الارتفاع الكبير في كمية استيراد مواد البناء وبمعدلات أعلى مما كان عما كان عليه الحال قبل الانقلاب.