مانشيت

العمالقة.. الإسم الذي عاد للإلتماع في ذاكرة اليمنيين

فخر العزب

ارتبط اسم “العمالقة” بالشجاعة والإقدام في الوعي الجمعي لليمنيين، وذلك منذ سبيعينيات القرن الماضي حين تم تأسيس قوات العمالقة التي كانت تعد ألوية النخبة في القوات المسلحة اليمنية، وقد تشكلت القوات التي تولى قيادتها عبدالله الحمدي من مجموعة ألوية مدرعة يمنية تم تأسيسها إلى جانب ألوية قوات الصاعقة وألوية المظلات في عهد الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي.

عقب اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي وشقيقه عبدالله، تعرضت قوات العمالقة للاستهداف الممنهج بهدف إضعافها، ليخفت بريق هذا الاسم لعقود، قبل أن يعود للالتماع من جديد خلال الحرب التي تشهدها اليمن منذ العام 2015، حيث أطلق اسم قوات العمالقة على ألوية عسكرية تم تأسيسها في الجنوب لمواجهة الانقلابيين الحوثيين والجماعات الارهابية الأخرى كالقاعدة والجماعات المرتبطة بها، حيث تشكلت قوات العمالقة في البداية من أربعة ألوية عسكرية، قبل أن يصل عددها إلى 17 لواء، وبقوام يصل إلى حوالي 50 ألف فرد.

وقد بلغ التماع اسم قوات العمالقة ذروته مع نجاح هذه القوات بتحرير محافظة شبوة من ميليشيا الحوثي الانقلابية وفي وقت قياسي خلال عشرة أيام فقط في العملية التي أطلق عليها اسم (إعصار الجنوب) لتنطلق بعد ذلك إلى محافظتي مأرب والبيضاء لاستكمال مهمة التحرير، في إطار عمليات عسكرية كشفت زيف الألوية العسكرية الأخرى التي تم بناؤها نظريا فقط على الكشوفات عبر آلاف الأسماء الوهمية، وهي الألوية التي كشفت حجم التلاعب المهول فيما يسمى بعملية بناء الجيش الوطني، والتي تمت وفقا لمعايير حزبية ومناطقية وولاءات غير وطنية، استنفذت الدعم اللامحدود الذي قدمته دول التحالف العربي، وقامت بتسليم المساحات الشاسعة والأسلحة الضخمة لميليشيا الحوثي في عمليات تسليم وانسحاب لا تزال تثير عددا لا محدودا من التساؤلات ولعل أبرزها عن مكان قيادة الشرعية وموقفها من كل ذلك.
صحيح أن ألوية العمالقة أبطال، لكنهم بلاشك ليسوا خارقين، ولا أصحاب أيادٍ سحرية، على الرغم من تحقيقهم لانتصارات مبهرة من حيث عوامل المساحات الشاسعة التي تم تحريرها على أيديهم، أو الوقت الذي استهلكوه في تحقيق هذه الانتصارات، أو الامكانيات التي تقل بالتأكيد عن امكانيات مهولة امتلكتها ألوية أخرى قامت بتسليم هذه الامكانيات للانقلابيين الحوثيين في عمليات تسليم مفضوحة في نهم والجوف ومأرب وشبوة والبيضاء.

لم تقم قوات العمالقة بخوارق العادات، لكنها قدمت الوضع الطبيعي للقوات التي يتم تشكيلها وفقا لمعايير عسكرية متعارف عليها حيث تمتلك قواما فعليا من الافراد الذين يتلقون تدريبات عسكرية في معسكرات تدريب خاصة وبإشراف قيادات عسكرية مؤهلة، بحيث يكتسبون الانضباط العسكري المطلوب، ويقاتلون وفقا لخطط عسكرية مرسومة ومحددة، وبعقيدة وطنية خالصة، تؤهلهم للانتصار للقضية الوطنية التي يقاتلون في سبيلها وهي دحر الانقلاب وتحرير الأرض واستعادة الدولة ومؤسساتها.
لقد نجح العمالقة في كشف زيف وضعف ميليشيا الحوثي الانقلابية، وقاموا بتعريتها، وتقديمها على حقيقتها بأنها أهون من بيت العنكبوت، وأنها لم تصمد طوال السنوات الماضية بقوتها ولكن بضعف وهوان الشرعية وانصياع قيادة الشرعية لرغبات وأهواء الأشخاص الذين استحوذوا على القرار السياسي والعسكري للشرعية وقاموا بتسخيرها لصالح الجماعة على حساب الوطن.
في نجاح العمالقة نجاح لكل القوى الوطنية التي تعرف أن القضاء على الانقلاب الحوثي هو الهدف الأسمى الذي يجب أن يلتف حوله كل اليمنيين، قبل مناقشة القضايا الثانوية والتباينات المختلفة من هذه القضايا، وكان لانتصارات العمالقة الدور الأبرز في إشعال جذوة الأمل لدى اليمنيين من جديد بعد سنوات من الاحباط والشعور بالهزيمة في الجوانب العسكرية والسياسية على حد سواء.

وبلاشك فإن الأنموذج الذي قدمته قوات العمالقة قد أعاد الأمل في امكانية بناء جيش وطني على أسس حقيقية، يكون قادرا على القيام بمهامه العسكرية في تحرير الأرض وحماية الوطن والمواطن والدفاع عن السيادة، ولا يحتاج ذلك أكثر من قرار سياسي صادق ومخلص يقوم بإيكال الأمر لأصحابه بعيدا عن أي اعتبارات أخرى.

Exit mobile version