مانشيت

ثورة فبراير..بين الواقع والإنكار

جمال علي جمال

تمر علينا الذكرى الحادية عشر لإنطلاق ثورة الشباب الشعبية السلمية، التي عمت كل المحافظات اليمنية وشارك فيها اليمنيين بمختلف انتمائاتهم وأعمارهم وأجناسهم، وهدفت الثورة في بداياتها لأسقاط رأس النظام والمتمثل حينها في شخص علي عبدالله صالح، إلا وأنه مع الأيام توسعت المطالب لتشمل إسقاط النظام ككل ومحاكمته والذهاب ليمن جديد بنظام ورؤية جديدة.

11 عاما مرت، وفي كل عام يتكرر الجدل الحاد حول الثورة، وتشتعل مواقع التواصل الإجتماعي بالنقاشات بل والملاسنات بين مؤيد ومعارض، ويتردد السؤال: هل رفض الثورة سيؤدي لنكرانها؟

الحقيقة أن الثورة أصبحت أمر واقع منذ أول يوم في الإحتجاجات السلمية، وكل ما حدث بعد أول يوم يعتبر تعميد لها ولأحقيتها، المبادرة الخليجية، انتقال السلطة، الهيكلة، الحوا الوطني، قرارات مجلس الأمن، كلها بُنيت على طموحات الشباب وثورتهم، وبالتالي يعتبر نكرانها عبثي، ومع الأيام سيعترف بها كثورة غيرت وجه اليمن ونظام حكمه.

تختلف فبراير عن سابقاتها كثيراً، ففي حين سبتمبر كانت ثورة مسلحة، واندلعت على إثرها حرب واشتعلت جبهات بين الجمهوريين والملكيين، كانت فبراير ثورة سلمية وبصدور عارية، وتمركز الشباب في ساحات مفتوحة بعموم المحافظات، واختاروا الإعتصام والتظاهر السلمي حتى تحقيق المطالب، وأثمرت التظاهرات بإنتقال السلطة سلمياً، وبإقامة الحوار الوطني الشامل الذب يعتبر الأول من نوعه في اليمن بل وشبه العربية ككل، وتكلل الحوار بمخرجات وقعت عليها كل الأطراف اليمنية بل وحققت ولبت طموحات كل اليمنيين في دولة مدنية رشيدة تحترم الحقوق والواجبات.

هل الحوثي نتيجة لفبراير؟
لا أعتقد ان هناك إنسان واعي ومنصف على وجه الأرض يربط مليشيا الحوثي بفبراير، خصوصاً وقد كانت الأحداث التي تبعث الثورة، والمؤامرة التي حيكت واضحة للعيان وشاهدها الجميع، وكان تمدد مليشيا الحوثي جزء من ثورة مضادة قادها الرئيس المخلوع وبدعم دولي كبير والهدف منها إخماد ثورة الشباب ونتائجها وإعادة النظام السابق.

مليشيا الحوثي على النقيض التام لثورة فبراير، فالثورة طمحت لدولة العدالة والمساواة والمدنية والإعتدال، بينما المليشيا تهدف للحكم باسم الله والولي، ودولة آل البيت لا سواهم، وتعتمد في نهجها التشدد ورفض كل فكرة مضادة بل وتكفير صاحبها ووو الخ.

صحيح أن عناصر الحوثي تواجدت في الساحات، لكن كان هذا التواجد سلمي، بل ويتوافق مع توجه الثورة. ما حدث بعد ذلك من إنقلاب مسلح لا تتحمله الثورة أبداً، ولا يمكن أن يحسب على طموحات الشباب وتضحياتهم.

لا نحتاج هنا لإعادة شرح المشروح، ولا التذكير بالحقيقة التي عايشناها جميعاً، حقيقة الثورة الشبابية والإنقلاب.

منذ انطلاق الحرب، كان شباب الثورة أول من حملوا السلاح وقاتلوا الإنقلاب الحوثي في حين تحالف مع المليشيا النظام السابق بكل أركانه. قاتل الشباب دفاعاً عن أحلامهم، وكانوا أول فئة تستهدفها المليشيا بعد سيطرتها على صنعاء.

ما أريد قوله أن الجدل حول فبراير لا يفيد، فالثورة حدثت ومضت، وستمضي حتى تحقيق الأهداف. ومن يعاند ويرفض الإعتراف بها اليوم لأنه فقط مصالحه، سيعترف بها غداً شاء أم أبى، فلا عودة للوراء ولا نكران للثورة والتضحيات، ولا طريق آمن سوى التمسك بالثورة وأهدافها.

Exit mobile version