الزينبيات المسمى الحوثي لنشاطات الجانب النسائي من مؤيدي جماعة الحوثي في اليمن، وتحت هذا المسمى تشكلت كتائب الزينبيات الحوثية أواخر العام2017، عقب المواجهات التي شهدتها العاصمة صنعاء بين جماعة الحوثي والرئيس الراحل علي عبدالله صالح. وباتت جماعة الحوثي تعكف على تدريبهن وتأهيلهن واسناد مهام عديدة لهن، أبرز هذه المهام، نستعرضها في سياق هذا التقرير.
التدريب
تتلقى الزينبيات العديد من الدورات التأهيلية والثقافية والتدريبية بصورة مغلقة وسرية، وتتراوح مدة الدورة الواحدة بين شهر إلى ثلاثة شهور،وتكون أبرز أماكن هذه الدورات محافظة صعده “معقل جماعة الحوثي“، والعاصمة صنعاء.
حيث تقوم جماعة الحوثي ب أخذ النساء والفتيات والذهاب بهن إلى أماكن إقامة الدورات المخصصة للنساء وذلك لتلقي مايسمى بالثقافة القرآنية الصحيحة على أيدي نساء من جماعة الحوثي مختصات بالجانب الثقافي للجماعة.
وخلال فترة الدورة تقوم جماعة الحوثي بتأهيلهن تأهيل كامل ليصبحن حسب تسميه الجماعة (امرأه ثقافية) ليكون دورها عندما تعود إلى منطقتها أو المحافظة التي أتت منها، عمل حلقات توعوية للنساء من حولها ونشر ما تلقته من أفكار مذهبية وطائفية على أيدي الجماعة.
وفي الجانب العسكري تقوم الجماعة بأخذ مجموعة من النساء بعد إكمال التأهيل الثقافي إلى معسكرات تدريب عسكري لتدريبهن على كيفية استخدام السلاح بمختلف أنواعه، وهذه المعسكرات لاتكون مخصصة للنساء فقط بل أن من يقوم بالتدريب هم عناصر من الرجال التابعين للجماعة، وتبقى النساء في المعسكر لعدة أسابيع دون الرجوع إلى منازلهن أو حتى التواصل ب أقاربهن.
“حصل “يمن بوست” على معلومات تؤكد بأن الكثير من الفتيات اللاتي التحقن بتلك الدورات باتت تكن بالولاء المطلق للجماعة وبأنهن مستعدات للقيام بعمل أي شيء يطلب منهن عليهن تحت مسمى الجهاد والفوز برضى قائد الجماعة. “
تحصل هذه النساء على مميزات من قبل جماعة الحوثي كصرف سيارات لهن وأموال كمرتب شهري وسلات غذائية ووظائف في المنشآت الحكومية والخاصة.
المهام الموكلة للزينبيات
تتلقى القيادات النسائية للزينبيات الأوامر المباشرة بالمهام من القيادات العليا للجماعة للقيام بأعمال ومهام مختلفة منها نشر الأفكاروالمعتقدات والحشد والمشاركة في الفعاليات النسائية الخاصة بهم ولجمع الأموال من الأحياء بغرض تمويل جبهات القتال تحت مسمى“المجهود الحربي لرفد الجبهات“.
لا يتوقف دور الزينبيات على نشر الأفكار والمعتقدات الخاصة بجماعة الحوثي فقط فهذه الأعمال ماهي إلا تمويه للغرض الحقيقي من تشكيل كتائب الزينبيات وتوزيع مثل هذه الخلايا النسائية في الأحياء.
فمهمتها التجسس على مختلف النساء وتوصيل المعلومات للقيادات العليا عن من يعارض سياسات الجماعة ويختلف معها، وقد قامت الجماعة بتجنيد العديد من النساء لمهمة القتل والتعذيب ومداهمة المنازل والتجسس واعتقال النساء والإشراف على تعذيبهن في المعتقلات.
” ذكرت مصادر أممية بأن جماعة الحوثي قامت بتجنيد 34 فتاة أعمارهن بين 13 و17 عاما مابين عام 2015 و عام 2020، وجاء فيالتقرير، “ثمة مزاعم بأن 12 من هؤلاء الفتيات، نجين من العنف الجنسي، والزواج القسري والمبكر المرتبط مباشرة بتجنيدهن. ”
كما تقوم الزينبيات المجندات أيضا بالاعتقالات القسرية للنساء في أماكن عملهن ومن داخل بيوتهن بعد التبليغ عليهن والوشاية بأنهن ينتمينإلى جماعات إرهابية.
وصرحت إحدى النساء قائلة (كنت في إحدى الجلسات النسائية وتحدثنا عن انقطاع الرواتب وكان رأيي مخالفا لإحدى الزينبيات الموجودات وبعد يومين قامت نساء حوثيات بالتهجم على بيتي وقامين بضربي أمام أولادي وتهديدي بأن هذا ما هو إلا بداية لعدة مشاكل إذا لم أتوقف عن ابداء رأيي المعارض لهم)
إضافة لهذا تقول إحدى المعلمات بأن مديرتها التابعة للزينبيات قد قامت بتهديدها بعبارات صريحة بأنه سيتم اعتقالها إذا لم تتوقف عن المطالبة براتبها وأضافت بأن زميلتها أيضاً تلقت نفس التهديد ولكن عن طريق الضغط على زوجها بأنه سيفصل من عمله وسيتم اعتقاله إذالم تخضع.
هذا وتتعرض العديد من النساء لمثل هذه الأعمال الوحشية من قبل الزينبيات سواء داخل السجون أو خارجها وفي أماكن عملهن مما يؤكد على أن هذه الخلايا النسائية لها أغراض سياسية أكثر منها اجتماعية.
ونشرت الجماعة خلايا سرية من الزينبيات لتنفيذ مهمات الإيقاع بالأشخاص المنتمين لمختلف الأحزاب المعارضة للجماعة أو التي تؤيدهم،ليتم بعد ذلك ابتزازهم وإخضاعهم لأوامر الجماعة.
كما تعمل جماعة الحوثي بالتركيز على الخلايا النسائية واستخدامها كسلاح خفي للابتزاز والإيقاع بأشخاص سياسيين ذوي شأن داخل اليمن وخارجها.
تحدثت إحدى الناشطات في مجال حقوق المرأة ل “يمن بوست” قائلة: “لم تكن النساء في اليمن يحملن السلاح أو يخالطن الرجال بصورة مسيئة لهن وشاذة عن طبيعتهن الإنسانية إلا منذ أن قامت جماعة الحوثي بتجنيدهن ومعرفة أن دورهن سيكون فعال في استقطاب ونشرأفكارهم العنصرية والطائفية واستخدامهن كأداة قذرة للقمع والتعذيب والوشاية والتجسس على من حولهن.”
وكشفت مصادر مطلعة على معلومات تُفيد بأن جماعة الحوثي تقوم بتعيين بعض النساء في أماكن تساعدهن على التأثيرفكرياً بمن حولهن ك المدارس والمعاهد والجامعات،ليقمن باستدراج الفتيات الصغيرات لأعمال تخالف المجتمع اليمني وتعتبر دخيلة عليه. “
ظاهرة مستجدة على نساء اليمن
أنشأت جماعة الحوثي جمعية أطلقت عليها اسم فاطمة الزهراء، وعينت قيادات نسائية كبيرة منتمية للجماعة لإدارتها.
تقوم هذه الجمعية بمهمة تزويج مقاتلي جماعة الحوثي بالفتيات المنضمات للحلقات الثقافية والدينية حيث تقوم المشرفة على الحلقه بتسجيل أسماء الفتيات وكافة المعلومات عنهن وإرسال هذه المعلومات إلى قيادات الجماعة لاختيار أزواج لهن.
ويرى مراقبون بأن هذه الجمعية النسائية لها دور كبير في انضمام العديد من الشباب المعدمين والذي تعسر عليهم الزواج إلى صفوف القتال بعد أن يتم إغرائهم.
إلا أن هذه الزيجات محكوم عليها بالفشل بنسبة 98% حيث أن الجمعية لاتراعي الفوارق الفكرية والثقافية والاجتماعية بين الطرفين، إضافة إلى أنها تتم بالاكراه وعدم الرضا.
في هذا السياق تحدثت إحدى الفتيات بأنها انضمت إلى إحدى حلقات التوعية الحوثية الخاصة بالنساء في الحي القريب منها وبأنها انضمت بتأثير إحدى قريباتها والتي أقنعتها بأنها مجرد دروس دينية تخص المرأة، وفي أحد الأيام بعد انتهاء الحلقة قامت (المرأة الثقافية) التي تدير الحلقة بمناقشة فكرة الجمعية وبأنها تساعد الشباب على تكاليف الزواج إلا أن الفتاة رفضت الفكرة، لتتفاجأ بعدعدة أسابيع باتصال هاتفي يخبرها بأن هناك شاب من مقاتلي الجماعة سيتقدم لخطبتها رغم رفضها وعدم قبولها، ليتم الضغط على أهلهامن قبل مشرفين حوثيين وإرغامهم بالموافقة على الزواج، لتتطلق بعد عدة أسابيع وذلك لسوء أخلاقه وشذوذه الجنسي حسب قولها.
وتحدثت أيضاً فتاة أخرى، والتي تبلغ من العمر 18 عاماً، بأن صديقتها الزينبية قامت باستدراجها إلى إحدى حلقات التوعية الخاصة بالجماعة في أحد مساجد الحي وبعد الانتهاء من الحلقة،قامت مجموعة من الزينبيات بالحديث معها عن ضرورة زواجها من أحد المقاتلين التابعين لجماعة الحوثي وعندما رفضت ذلك تم طردها من المسجد.
الإغرات المستخدمة للاستقطاب
لا تبخل القيادات النسائية (الزينبيات) على من يقمن باستقطابهن، حيث يتم جذب العديد من النساء عن طريق هدايا تقدمها مؤسسات ومراكز تجارية تم الضغط عليها من قبل جماعة الحوثي لتقديم كروت مجانية للتسوق.
كذلك أثناء الدورات الثقافية يتم توفير الوجبات الجاهزة والمشروبات من المطاعم التي يتم إرغامها أيضاً على توفير هذه الوجبات للدورات الثقافية أو الحلقات التوعوية من قبل مشرفي المنطقة.
أيضاً يتم توزيع بطانيات وأدوات منزلية بغرض جذب أكبر عدد ممكن من النساء والتأثير عليهن وعلى سلوكهن واقناعهن بأفكار جماعة الحوثي وإخضاعهن التام لأوامر الجماعة.
في هذا السياق تحدث ل “يمن بوست” أحد المواطنين بأن زوجته كانت تذهب في وقت العصر لحضور الندوات الخاصة بالزينبيات لتضييع وقتها، إلا أنه تفاجأ بتغيير كامل في أفكارها ومبادئها فقام بمنعها من الذهاب لهذه الندوات، وفي أحد الأيام عند عودته إلى المنزل لم يجدها فيه ولم يكن هناك إلا طفليها أحدهمها رضيع، وبعد عدة أسابيع من البحث عرف أنها قد سافرت إلى محافظة صعدة لتقوم بعمل الوجبات الغذائية لمقاتلي الجماعة تاركة بيتها وأسرتها بغرض تنفيذ أوامر الجماعة.
يرى مراقبون بأن استغلال جماعة الحوثي للنساء اليمنيات سيعقبه الكثير من الانحطاط الأخلاقي داخل المجتمع مستقبلاً فالمرأة اليمنية بالذات لها مكانتها المتحفظة في المجتمع اليمني.
وأن ماتسعى إليه جماعة الحوثي في جعل النساء سلاح لقمع ومواجهة النساء والناشطات وممثلات المنظمات المدنية والقطاع النسوي في مختلف المجالات، إضافةً إلى خصومها السياسيين إنما هو استغلال للوضع الاقتصادي الراهن الذي تعانيه الأسر اليمنية والذي يجعل منالمرأة والفتاة القاصرة لقمة سائغة لدى الجماعة لتستخدمها في أعمال مشينة تحقق مصالحها الخاصة.
لم تعد جماعة الحوثي تأخذ بعين الاعتبار مكانة المرأة اليمنية رغم أنها تدعي أن للمرأة دور مهم بجانب الرجل في تنمية المجتمع.
إلا أنها تقوم باستغلال ذلك أسوأ استغلال وتجند النساء لأغراض سياسية وبأشكال تحط من مكانة المرأة في المجتمع وتعرضها للكثير من المخاطر.