أوصت ندوة، نظمها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، اليوم الأحد، عن مستقبل القطاع المصرفي في اليمن، على ضرورة استقلالية البنك المركزي، وتحييده عن الصراع السياسي، والمماحكات، لإنقاذ البلاد من كارثة اقتصادية، كون القطاع المصرفي، يٌمثل القلب للاقتصاد الوطني بشكل عام.
ومثّلت الكفاءة الوظيفية والمهنية، وضبط السياسة النقدية، والسياسة الرقابية، وإنهاء ازدواجية القرارات، أولويات رئيسية، التي يجب أن تتمتع بها إدارة البنك المركزي اليمني، وفق ما يرى المتحدثون والمشاركون في الندوة، من أجل إنقاذ القطاع المصرفي، من الأزمات والإشكاليات التي يعاني منها.
وأكد المتحدثون في الندوة، التي، أقيمت عبر تطبيق، ZOOM على الإنترنت، على ضرورة بقاء البنك المركزي اليمني، بعيداً عن الصراع، حتى يضمن تحقيق الهدف الرئيسي للبنك، وتحقيق الاستقرار السعري، وضبط السياسة النقدية في البلاد.
وفي بداية الندوة، التي افتتحها رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، استعرض مراحل تدهور سعر الصرف، وتراجع قيمة العملة اليمنية، وصولاً إلى الوضع الحالي، من انقسام نقدي ومصرفي، وتراجع غير مسبوق في قيمة الريال اليمني، مع أزمة شديدة في قطاع البنوك والمصارف، نتيجة ازدواجية القرارات المصرفية، واستخدام الاقتصاد كأداة حرب، بيد كافة الأطراف المحلية.
وتمثلت المرحلة الأولى، أثناء إصدار جماعة الحوثي، خلال سيطرتها على مؤسسات الدولة في صنعاء، قرار تعويم استيراد المشتقات النفطية، حيث شكل هذا القرار، مرحلة أولية في مسلسل تراجع الريال، من خلال تزايد عملية المضاربة للحصول على العملات الأجنبية في السوق المحلية، لاستيراد الوقود.
ووفق بيانات حديثة، فإن أكثر من 50% من حجم المضاربة على العملة في السوق المحلية، تذهب من نصيب تُجار الوقود ومستوردي المشتقات النفطية.
أما المرحلة الثانية، فقد تضمنت عملية قرار نقل البنك المركزي اليمني، إلى عدن، في الوقت الذي لم تكن هناك بنية تحتية جاهزة، إضافة إلى غياب الكادر الوظيفي، وتأخر البنك عن تفعيل نظام السويفت لعام كامل.
وتشير إفادات كثير من الباحثين والخبراء، إلى أن مركزي عدن، لم يكن مهيئاً بشكل كلي، لكي يعمل كبنك مركزي، حيث لم تكن التجهيزات، تفي بهذا الغرض الأساسي، حيث ظل أداؤه الوظيفي يقتصر على تأدية دور فرع للبنك المركزي، في ظل انقسام الفروع الأخرى، وعملها كجزر متباعدة عن بعضها البعض.
وجاءت مرحلة ذروة الصراع، خلال قيام الحكومة بطباعة أكثر من ترليون و700 مليار ريال، لمواجهة النفقات والمصروفات، ودفع الرواتب لموظفي القطاع المدني، والعسكري، في المناطق الواقعة ضمن نطاق سيطرة الشرعية.
تخبط وعشوائية
رئيس الغرفة التجارية والصناعية في عدن، أبو بكر باعبيد، أوضح أن الوضع الاقتصادي، في البلاد، يعاني من اتجاهات مختلفة، في ظل تعارض السياسات وازدواجية القرارات، مشيراً إلى أن كافة الأطراف أضحت تتعامل مع الاقتصاد، كأداة حرب في مسرح للقتال.
وأشار إلى أن الإشكالية الأساسية في الإدارة للبنك المركزي، تتمثل في عدم فاعليتها وقدرتها على ضبط السياسة النقدية، وغيابها عن الواقع، وعدم وجود جدية لدى إدارة البنك المركزي في التعامل مع القطاع الخاص، ومع الوضع الاقتصادي، بشكل عام، بمسؤولية، وشفافية، وجدية.
واعتبر أن إدارة البنك المركزي في عدن، وصنعاء، كلها تُصدر قرارات سيئة، تضر بالوضع الاقتصادي، والقطاع المصرفي، والقطاع الخاص، وتساهم في وضع المعوقات والإشكاليات.
وسخر باعبيد، من العقلية التي تدير بنكي عدن، وصنعاء، مشيراً إلى أنهم يتعاملون مع البنوك، بعقلية أمنية، تُقحم القطاع المصرفي، في مزيد من الأزمات والصراعات، التي سيكون لها تداعيات سلبية، على الوضع المعيشي في البلاد.
وأشار إلى أنه منذ تعيين المحافظ الجديد للبنك المركزي، لم يلتقِ ممثلي القطاع الخاص، بشكل نهائي، لافتاً إلى أن غياب الحكومة عن الواقع، وعدم اهتمامها بالوضع الاقتصادي، عامل أساسي، في تدهور الأوضاع المعيشية، وانهيار سعر الصرف.
وكشف عن وجود، كم هائل من القرارات العشوائية، والتخبط، وغياب للمسؤولية، لدى المعنيين بالأمر، من الجانب الحكومي.
غياب السياسة الرقابية
من جانبه، أرجع الباحث الاقتصادي، وحيد الفودعي، سبب تدهور الوضع الاقتصادي، إلى ضعف الحكومة الشرعية، وغياب السياسة الرقابية لدى البنك المركزي اليمني، وعدم قدرته على الوصول، إلى كافة بيانات ومعلومات الأنشطة المصرفية.
واعتبر أن مركزي صنعاء يعمل دائماً، بشكل يناقض قرارات البنك المركزي في عدن، ويضغط على البنوك للأخذ بتعليماته تحت تهديد القبضة الأمنية.
وأوضح، أن بعض البنوك التجارية، الآن في مناطق سيطرة الحوثيين، مهددة بالإفلاس، في أي لحظة، ولم تتبع سياسة سعر الصرف الحقيقة، في السوق المصرفية، وإنما يتم تحديد السعر لهم من قبل مركزي صنعاء، تحت تهديد القبضة الأمنية.
وأشار إلى أن تلك البنوك، يتم إرغامها على الإعلان عن تحقيق أرباح سنوية غير صحيحة.
ومن ضمن جملة الاختلالات التي يعاني منها البنك المركزي في عدن، أوضح الفودعي، أنه دائماً ما يعمل بردة الفعل، ولا يبادر في وضع السياسات المالية للحفاظ على الاستقرار المصرفي، بالإضافة إلى عدم تعامله بجدية مع الأبحاث والدراسات، التي تحذر بشكل مستمر من تدهور أسعار الصرف.
وشدد مشاركون في الندوة، على ضرورة أن تتمتع إدارة البنك المركزي، والجهات المعنية، بالكفاءة الوظيفية والإدارية، لضمان تحقيق الاستقرار في سعر الصرف، وحل الإشكاليات والأزمات التي يعاني منها القطاع المصرفي، والتي تهدد بشكل مباشر الاقتصاد الوطني، بصورة عامة، وتُنذر بمزيد من تدهور الوضع المعيشي، واتساع رقعة المجاعة في مختلف أنحاء البلاد.
*المصدر: المشاهد نت