مانشيت-متابعات
كتب/ الناقد والباحث الفني عصام خليدي
انتقل إلى الرفيق الأعلى، يوم الاثنين 19 أبريل/ نيسان 2021م، الموسيقار والفنان العراقي جعفر حسن الذي عاش ردحاً من الزمن في مدينة عدن منذ السبعينات والثمانينات وبداية التسعينات من القرن الفارط.
فارقت روحه الطاهرة الحياة إثر إصابته بفيروس جائحة كورونا القاتل.
قضى الموسيقار الفذ جعفر حسن فترة زمنية فنية باهية زاهية مشرقة أضاءت صباحاتنا وأمسياتنا بفيض وهج عطائه الفني الغنائي الموسيقي الحداثي اللافت (الاستثنائي) القريب إلى وجدان وضمير الأمة.
أحبته الجماهير بشغف بسبب دماثة أخلاقه وألحانه الباذخة المترفة الثرية المتجددة في مقاماتها وقوالبها اللحنية وتوزيعها الموسيقي المتفرد النوعي.
كانت أغانيه وألحانه ذات صلة بقضايا ومعاناة الشعب وهمومه، أفراحه وأتراحه.
تقلد (قيادة فرقة أشيد الشبابية المؤسيقية الحديثة) التي كان له الفضل في تأسيسها ورفدها بالحانه المتميزة في شكها النغمي وأسلوبها الموسيقي الغنائي (الجماعي والفردي) ورشاقة إيقاعاتها وحسن اختياراته لمواضيع نصوص أغانيها البديعة المتألقة ولعل من أبرزها: عمي يا أبو الشاكوش/ هيلا يا صياد يا بو السفينة / في كل العالم عندي حبيبة هي الشبيبة/ شامة على خد الزمن / إنا نحب الورد/ قالت عدن/ عمال نطلع الصبح/ اليمن نعشقها… وغيرها من التحف الفنية رائعة المعنى ورصينة المبنى رفيعة المستوى والقيمة والمضمون.
يعتبر أفضل وأروع من تولى قيادة (فرقة أشيد الشبابية) على الإطلاق، بشهادة الجماهير والنخب الثقافية والمتخصصين والنقاد في المجال الفني والإبداعي.
ومن وجهة نظري تعد أعماله الإنشادية الجماعية والفردية (أيقونة فرقة أشيد الشبابية الموسيقية في عصرها الذهبي دون منازع)، ويتوهم من يراوده الحلم في لحظة رعونة وطيش أنه استطاع منافسته أو ملاحقته من الفنانين الآخرين.
الموسيقار الخلوق جعفر حسن الإنسان والفنان المبدع الخلوق المنفتح على ثقافة محبة واحتضان الجميع.
تركت موسيقاه أثراً رائعاً راقياً في نبض ووجدان مدينة عدن وبصمات لا تنسى في الذاكرة الجماعية الفنية النابضة الحية ملحناً وفناناً متمكناً تدخل أغانيه إلى القلوب وتستوطنها، ويأسرنا بصوته الساحر العذب الذي يشنف الآذان ويثير لواعج النفس والروح وتلابيب الأفئدة والقلوب.
الموسيقار جعفر حسن كان، رحمه الله، وسيظل في قلوبنا كما عهدناه فناناً رقيقاً متسامحاً لطيف المعشر، ديدنه تبني القضايا والمواقف النبيلة السامية الملتزمة التي كان لا يحيد عنها من أجل المال ولا المناصب والجاه.
حقق نجاحا نخبويا وجماهيريا منقطع النظير وشم على صفحات تاريخ الغناء العدني والعربي حتى كتابة هذه السطور رغم غيابه ورحيله من عدن إلى الخارج قسراً..
والحقيقة ما زالت مدينة عدن التي أحبها حتى الثمالة تسكنه وتعشقه ولم تنسه وتبادله الوفاء رغم قساواة هذا الزمان الذي يتسم بالنكران والجحود وعدم قول كلمة (الحق) بشفافية ومصداقية..
وكلنا نتذكر دوره المهم في إنعاش الجانب الموسيقي الممنهج من خلال قيامه بمهمة النهوض وتفعيل النشاطات الإبداعية والفنية بشكل أكاديمي علمي مدروس يحاكي قضايا وتطلعات ومعاناة الأجيال بمختلف شرائحها العمرية وثقافاتها المتعددة والفئات (الشبابية) بوجه خاص في عدن وجهوده الجبارة في النهوض بمستواها الفني والإبداعي وإيصالها إلى مساق الاحتراف باقتدار ومهارة مما جعلها تواكب لغة الحوارت الموسيقية بين الشعوب المتطورة..
كان ذلك جهداً محموداً ملموساً عشناه ولن ننساه أبد الدهر للموسيقار المتمكن صاحب السيرة العطرة والعطاء الإبداعي المتميز والمتدفق اللا متناهي جعفر حسن..
تغمد الله الفقيد الموسيقار العراقي المبدع جعفر حسن بواسع رحمته ومغفرته ورضوانه وأسكنه جنان الخلد وعصم قلوب أسرته ومحبيه وذويه.. واللهم أهله الصبر والسلوان..
أحر التعازي وعظيم المواساة القلبية من كافة أهالي مدينة عدن وكل مثقفيها وفنانيها ومبدعيها..
إنا لله وإنا اليه راجعون..
- من صفحة الكاتب على الفيسبوك