مانشيت-متابعات
كشفت جوليا باليك، الباحثة في معهد أبحاث السلام في أوسلو، في دراسة دولية أعدتها ونشرت في الموقع الرسمي للمعهد، عن عرقلت والانتهاكات التي تعرضت لها البعثة الأممية لدعم اتفاق الحديدة في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي.
وأوضحت الدراسة، أن بعثة الأمم المتحدة عملت لدعم اتفاق الحديدة في منطقة خاضعة لسيطرة الحوثيين حصراً وواجهت البعثة مجموعة حوثية متمردة قوية.
وأشارت إلى أنه منذ الاستيلاء على الحديدة في عام 2014، احتكر الحوثيون توفير الأمن وقاموا بتهميش زعماء القبائل والشرطة. وبين عامي 2014 و2019، ترسخ الحوثيون بعمق في الحديدة من خلال اختراق أجهزة الأمن المحلية وإنشاء نظامهم الإشرافي في الوقت نفسه.
ووفقا للدراسة، فإن هذا النظام الحاكم الناشئ للمتمردين له تأثيران هامان، على الأقل، على عمل بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة:
أولاً، تم توفير أمن بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة من قبل الحوثيين وكان مراقبو حرية الحركة يعتمد على الحوثيين. على سبيل المثال، لم يتمكن أعضاء فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة من السفر إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون لأكثر من عام. لم تتمكن دوريات بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة من الوصول إلى مدينة الحديدة منذ أكتوبر 2019.
ثانيًا، أدى توطيد الحوثيين لسلطتهم في الحديدة إلى عدم إمكانية تسليم الموانئ إلى “قوات الأمن المحلية”. وبحسب نتائج مسح 2019، فإنه “لا توجد قوى محلية محايدة يمكن أن يسلمها الحوثيون الأمن لمدينة الحديدة”، بالنظر إلى مدى اختراق الحوثيين للنظام الأمني.
ونوهت الدراسة إلى أنه بسبب ممارسات الحوثيين القمعية، كان السكان المحليون مترددين في مشاركة المعلومات مع بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة لأنهم كانوا خائفين من هجمات انتقامية محتملة من الحوثيين.
جادل أحد السكان المحليين بأن الإبلاغ عن الحوادث يكاد يكون مستحيلاً، نظراً للرقابة الأمنية المشددة من قبل الحوثيين، الذين “سيقتلونني ببساطة إذا رأوني أتحدث إلى أجنبي، لأنهم سيتهمونني بالخيانة”.
وتطرقت إلى تأثير حكم الحوثيين هو أنهم أجبروا السكان المحليين على عرقلة عمل المراقبين.
ويتذكر أحد ضباط المراقبة أنه عندما اضطر إلى المغادرة من الحديدة، كان ضباط الحوثيين ينتظرونه في المطار لمصادرة ذاكرة التخزين الخاصة به التي تحتوي على معلومات عن الانتهاكات لأطراف النزاع. على حد تعبير الضابط، “كان أحد المساعدين من المجمع. لا أحد رآني بهذه الذاكرة. كان لدي 62 جيجا من المعلومات. أبلغ ذلك المساعد الحوثيين، وإلا لما عرفوا أن لدي شريحة ذاكرة”.
وكان أعضاء بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة منفتحين بشأن الصعوبات التي واجهوها في اليمن. كما يعترف أحدهم، “كنا نعيش في أماكن تابعة للحوثيين وقد تم توفير حماية القوة من قبلهم”.
وأضافت الدراسة، أعرب العديد من المراقبين عن قلقهم من عدم وجود حماية من القوة في مثل هذه البيئة العنيفة.
وفي الوقت نفسه، شكك عضو آخر في فريق الأمم المتحدة في التأثير المحتمل لزيادة حماية القوة.
وأكدت أن الحوثيين أدركوا الوضع الهش إلى حد ما للمراقبين، مما مكنهم من منع المراقبين بشكل منهجي من تنفيذ مهامهم. أدى هذا التفاوت في القوة بين المراقبين والحوثيين إلى أن المتمردين قيدوا حرية تنقل المراقبين وقدرتهم على جمع الأدلة.
وقالت: ظلت بيئة الصراع على المستوى المحلي لبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة غير مسموحة بسبب القوة العسكرية الشاملة للحوثيين.
وبدأ الحوثيون في الرد على نشر المراقبين الأمميين قبل وصولهم الفعلي بوقت طويل. يلاحظ أحد المراقبين أن المتمردين تعمدوا تأخير وصولهم.
وأشارت إلى أنه عندما تم نقل ضباط المراقبة إلى الحديدة، خلال الرحلة التي استغرقت ست ساعات، واجهوا 43 نقطة تفتيش وإطلاق نار من أذرع حوثية صغيرة بشكل متكرر على قافلتهم.
وكشفت أنه لم يكن لدى المراقبين في كثير من الأحيان أي أدوات تحت تصرفهم لجمع المعلومات أو للضغط على المتمردين للامتثال لطلبات الفريق. كان المتمردون يقوضون عمل المراقبين بشدة ويتهمونهم بأنهم جواسيس سعوديون.
وفي مناسبات أخرى، عندما لم يرغب الحوثيون في تجول المراقبين في أنحاء محافظة الحديدة، منعوا خروج المراقبين بالسلاح.
وقالت الدراسة: كما يشتكي المراقبون بأن الحوثيين يذهبون إلى اجتماعات مع المراقبين “فقط لمضغ القات والضحك علينا” وعندما كان المراقبون يحاولون جمع المعلومات المتعلقة بمواقع حقول الألغام وتجنيد الأطفال، يرفض الحوثيون ببساطة الاستجابة.
وفي يناير 2019، أفادت التقارير أن الحوثيين أطلقوا النار على مراقبين بقيادة الجنرال باتريك كاميرت.
ويتذكر أعضاء بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة عدة حوادث مماثلة واجهوا فيها إطلاق نار متكرر من قبل الحوثيين. كما يتذكر أحد المراقبين، “أخبرنا المساعد اللغوي أنه إذا كان علينا التوقف في حالات الطوارئ، فسوف يتم اختطافنا أو قتلنا في غضون 15 دقيقة. لقد تم تحذيرنا من البقاء على الطريق طوال الوقت”.
وبحسب الدراسة، عندما يتعلق الأمر بانتهاكات وقف إطلاق النار، لم تصدر بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة أي تقارير عامة. في الواقع، أشارت محادثة غير رسمية مع أحد أعضاء فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة في اليمن إلى الطبيعة السرية لبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة. على حد تعبيره، “التقارير ليست فقط غير متاحة للجمهور، ولكن حتى أعضاء فريق الخبراء غير قادرين الوصول إلى تلك التقارير”.
وكانت ترسم المقابلات مع أعضاء البعثة الأممية صورة قاتمة لالتزام الأطراف بوقف إطلاق النار.
وقدر أحد الأعضاء أنه بين مارس وأبريل 2019، حدث حوالي 180 انتهاكا لوقف إطلاق النار يوميا، لكنهم لم يتمكنوا من تحديد المسؤولية وبالتالي التحقق بشكل كامل من الطرف المسؤول عن الانتهاك.