تتراكم النفايات وأعقاب السجائر في “قلعة صيرة” التاريخية بمدينة عدن اليمنية الجنوبية، التي خطت على جدرانها شعارات وأسماء، في تجل واضح للإهمال الذي يلحق بآثار المنطقة نتيجة الحرب.
وتشهد عدن بكنائسها ومتاحفها ومعابدها الأثرية، على حقب تاريخية غنية عاصرتها هذه المدينة الساحلية، ومن بينها الاستعمار البريطاني، لكن هذا الموروث التاريخي مهدّد بفعل الإهمال والحرب.
وتقول أستاذة التاريخ في جامعة عدن، الدكتورة أسمهان العلس، التي تشغل أيضا منصب الأمينة العامة للجمعية اليمنية للتاريخ والآثار: “عدم وجود رؤية رسمية للدولة اليمنية في صون وحفظ التراث الثقافي والمحافظة على الهوية الثقافية للبلاد وتوظيفها لصالح التنمية، انعكس سلبا”.
وتشير العلس إلى أن هناك “تجاهلا وجهلا بمستوى الخسارة التي لا تعوّض، اعتقادا بأن السعي للسيطرة والحكم هو الأهم”.
ويدور نزاع في اليمن بين حكومة يساندها منذ 2015 تحالف عسكري تقوده السعودية، والحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها، وكذلك على العاصمة صنعاء، منذ بدء هجومهم في 2014.
وتسبب النزاع بمقتل أكثر من 377 ألف شخص حتى الآن، وفق الأمم المتحدة.
وكتب أحدهم كلمة “أحبك” على أحد جدران البرجين الأسطوانيين المتقابلين في قلعة صيرة، التي تعود إلى القرن الحادي عشر ميلادي، والتي شكلت حصنا منيعا لحماية مدينة عدن من الغزاة في ذلك الوقت. وتقع القلعة على قمة جبل فوق جزيرة صخرية يحيط بها البحر من أربع جهات، وهي مطلة على ميناء عدن القديم.
وفي موقع “صهاريج” عدن، نحتت في الصخر خزانات ضخمة، وكان الغرض منها تخزين مياه الأمطار وإعادة توزيعها وتغذية الآبار الموجودة في المدينة.
ولكن حالها اليوم يبدو سيئا، وتبدو السلسلة المتواصلة من أحواض المياه المخصصة لحفظ الماء مطمورة، وتعاني من الإهمال والبناء العشوائي على جانبي الجبل المحيط بها.
وبسبب النزاع الدائر في اليمن، واجهت السلطات المحلية صعوبات في جمع الأموال من أجل صيانة المواقع المهمة في البلاد. بينما تعرضت مواقع أخرى للقصف والتخريب والهجمات.
وتضرر المتحف الحربي في المدينة بفعل قصف في عام 2015. ويعود تاريخ المتحف إلى عام 1918، حين كان مدرسة ثم تم تحويله في عام 1971 إلى متحف. وتعرض المتحف بعد القصف إلى نهب محتوياته.
وفي سبتمبر الماضي، أقر التحالف الذي تقوده السعودية باستهدافه المتحف عام 2015. وقال الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن إن القصف جاء “على هدف عسكري مشروع”، مشيرا إلى تجمعات لعناصر مقاتلة تابعة للمتمردين الحوثيين.
ويقول نائب مدير مكتب آثار عدن، عثمان نصر عبد الرحمن، إن هناك “إهمالا وهدما ممنهجا لمعالم وآثار مدينة عدن”.
وبحسب عبد الرحمن، “حتى لو حصلنا على القليل من الدعم، هذا لا يكفي لتغطية جزء بسيط جدا مما نحتاجه”. ولا تتجاوز ميزانية المكتب المئتي دولار شهريا. ويتابع “هذا لا يكفي حتى لشراء القرطاسية”.
ويقول بأسى “أشعر بالاحباط واليأس. في بعض الأحيان أتمنى لو لم أدرس علم الآثار ولم أدخل هذا المجال”.