كان سائق الموتور شاباً لطيفاً ونحيلاً للغاية.يتخذ من دراجته غرفة صغيرة.يمضغ القات فيها ويستمع للأغاني وينتظر المشاوير .
كانت ليلة هادئة ،الشوارع خفيفة من المارة والأضواء وأصوات السيارات وزحمتها. صعدت خلف السائق قاصداً المنزل لكن الدراجة النارية انطفأت ونحن في الخط السريع . هطلت بعض قطرات المطر ،ومشينا نحن الاثنين وكل واحد منا يدفع الدراجة من جهته بحثاً عن لص بترول متجول.!
هنا يبيع اللصوص المتجولين كل شيء.الوطن يبيعونه لصوص متجولين، الأحلام يبيعها اللصوص المتجولين ، الأموال،الحياة،الدين..كل.. كل شيء.
كنا ندفع الدراجة للأمام ونواصل السير ونحكي لبعض عن حياتنا.. اسمه عثمان ، كان يعمل طباخاً في مطعم صغير .. وأخاه الكبير يعمل طباخاً في مطعم في عمّان . حكى لي كيف غادر عمله في المطعم،وحدثني عن صديقه الذي لم يسره حاله فأعطاه الدراجة ليعمل بها ويحصل من خلالها على مصدر دخل مؤقت إلى أن يفرجها الله..
بعد أن نال منا التعب وجدنا ظالتنا.بائع بترول يجلس على الرصيف .. يقلب في هاتفه ويحرس ويبيع بترول السوق السوداء المعروض أمامه والمعبئ داخل علب المياه المعدنية. سألني السائق قبل أن نصل وقال متوجعاً :
معقولة مافيش نظام في البلاد هذه يمنع السوق السوداء ؟! مافيش نظام نقدر نعيش تحته واحنا آمنين وماحد بينهبنا؟!
وصلنا ووصلت معنا في نفس الوقت سيارتان ودراجة نارية أخرى . انتبه لنا البائع وانتشل من مكانه وقبل أن يطفئ هاتفه ويكلمنا لمحت صورة “نيكول سابا” وهو يسحبها للأسفل لكي لا نراها.كم هي جامدة هذه الفنانة.!
استعاد هيبته ورتب ثوبه ووضع هاتفه تحت حزام الثوب”القايش” .. تأملنا بنظرات أمنية احترازيه لثواني ثم قال :
لو سمحتوا بالدور .. بالدور .. رجاءً ،النظام نظام .. هاه من منكم وصل الأول ؟!.
لصوص متجولون على رصيف الوطن ابدعت يازعيم الصافيه